3 _ الإعارة.
في الواقع لم يكن من عادتي أن آكل بنهم ، ولكن لما رأيت المدعوين ينهشون اللحم نهشا ، آثرت أغنم الفرصة لأنني لم اكل بما فيه الكفاية منذ ثلاثة أيام ؛ منذ مجيء رئيس دولة در ودونيا المخلوع . كنت قد أعرت لحراسته من دسائس وأطماع أعدائه وغرمائه الذين كانوا يسعون للإطاحة به . كانت هذه الإعارة تهدف إلى تعزيز التعاون وأواصر الصداقة بيننا نحن شعب سكونيا وشعب درودونيا . جبت معه – وأنا خلفه – بقاع العالم، ورأيت حسان الدنيا وأشرار الدنيا . وهاأنذا الآن بعد الإعارة ، والسجن لمدة ثلاثة أيام بدعوى مشاركتي في حكم دولة درودونيا ، من خلف الكواليس ، أحظى برعاية رئيس دولة سكوبيديا الذي مكنني من فرصة الحفاظ على سلامته من أعدائه وغرمائه الذين كانوا يسعون إلى الإطاحة به . كان قد ذهب لزيارة حديقة الحيوانات متذرعا بأن لا خوف عليه من غدر الحيوان ، لأنه لا يسيء إلى من أحسن إليه . كان رأيه سديدا ، لأنك لو سألتني عن ذلك ، لأجبتك قائلا إنني لما كنت صغيرا كنت أمتطي ظهر الأتان . كنت أنعم براحة البال . أغمض عيني فلا تسقطني إلى الأرض . ترى ما الذي سيحدث لو ركبت ظهر الحمار... آه ، لا تسألني . كانت هذه الإعارة أيضا تهدف إلى تعزيز أواصر التعاون بيننا نحن شعب سكونيا وشعب سكوبيديا الذي ينتمي إلى العالم الثالث . وقد وفقت في تمتين صداقة بلدينا لما استطعت الحفاظ على سلامة رئيسه من ثلاثة انقلابات غذائية كادت تودي بحياة معدته . أمطره أعداؤه بوابل من الرصاص ، فواجهت ذلك برباطة جأش قل نظيرها في العالم . كنت أمسك بالرصاصة فألقيها ذات اليمين وذات الشمال ، فترى الأفواه فاغرة والأقدام لا تلمس الأرض وهي تعدو لائذة بالفرار. ولهذا السبب قربني إلى جنابه العالي ، فصرت نديمه الذي لا يفارق عينيه .
أكلت بنهم وكأنني كنت أدري أن أعمالي العظيمة التي وهبتها العظماء ستهدم حياتي ؛ أن أسجن إلى الأبد في قبو لأصادق العناكب والحيات والعقارب وأصنافا دقيقة من الحشرات النافعة . كانت المأدبة مؤامرة حيكت بذكاء ؛ أن يقتل رئيس دولة سكوبيديا أمام أعين الحيوانات المفترسة وألا أنهي أكلي بسلام . .